التطـاول على المسلمين إلى متـى؟

فضيلة دفوس

في ظرف خمسة أيام رُصد وقوع أكثر من 50 عملا مناهضا للمسلمين في فرنسا، حيث تعرضت الكثير من المؤسسات الدينية الإسلامية لإطلاق نار وإلقاء قنابل، كما تهاطلت التهديدات والشتائم كالسّيل الجارف على العديد من أبناء الجالية المسلمة، التي تضع منذ الأربعاء الماضي يدها على قلبها خشية أن تتحول إلى هدف سهل المنال لأعمال ثأر وحقد من قبل المتطرفين الذين يصرون على تحميل المسلمين مسؤولية جريمة” شارلي ايبدو” رغم إدانتهم لها وتقدمهم
والعديد من قيادات البلدان المسلمة لمسيرة الجمهورية المنددة بالإرهاب .
وفي ظل هذه الأجواء التصعيدية، قد لا نجانب الصواب  باعتقادنا  أن أياما سوداء تنتظر المسلمين في فرنسا وفي غيرها، بل وقد لا نخطئ التوقّع بأن ردّا عسكريا غربيا قد يقع في مكان ما من بلاد العرب والمسلمين، لأن الخطاب الذي يسود اليوم والأجواء التي نقف عندها مشابهة تماما لتلك التي أعقبت أحداث سبتمبر 2001  وما تلاها من حروب وتدمير للبلدان وقتل للمدنيين المسلمين  باسم مكافحة الإرهاب وحتى بإسم الربيع .
المسلمون في فرنسا بدأوا يتحسّسون الخطر، وأخدوا يطالبون باريس بضرورة حماية أماكن عبادتهم والمؤسسات الخاصة بهم، مسجّلين غياب الحراسة الخاصة حتى عن مسجد باريس الكبير رمز الإسلام هناك .
والسّلوك الفرنسي هذا أكثر من تمييزي بل هو استفزازي ويبعث على الإحساس بالتفرقة بين أبناء الوطن الواحد باختلاف دياناتهم، لأنه في الوقت الذي تحرم فيه مؤسسات المسلمين من أية حماية فعلية، يتمّ نشر خمسة آلاف عنصر من قوات الأمن والشرطة لتأمين  المدارس اليهودية في البلاد ،ما يترجم أن فرنسا تضع اليهود في خانة الضحايا وترفعهم درجات مقارنة مع مواطنيها من أبناء الجالية المسلمة، الأمر الذي  يغرس بين هؤلاء الإحساس بالظلم والغبن والإقصاء وقد ينمّي بين بعضهم روح العنف والتطرف.
لمّا وقعت تفجيرات مانهاتن وضع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش العالم بين خيارين لا ثالث لهما “معنا أو ضدنا “والمسلمون الذين تعلّموا الدّرس جيدا مما لحقهم خلال عقد من الزمن، سارعوا اليوم إلى الوقوف مع فرنسا فتألموا لألمها  ورفعوا صكوك براءتهم مما فعله بعض شواذهم، مؤكدين بأنهم معها في محاربة الإرهاب الذي يحرقهم أكثر من غيرهم، فلماذا لا يصدّق الغرب المسلمين ويشكك دائما في براءتهم ويسارع دوما لتحميلهم مسؤولية الأهوال التي تحصل في العالم والتي يكونون في أغلب الأحيان ضحاياها؟.
 إن النّجاح في محاربة الإرهاب ينطلق أساسا من زرع روح التّسامح تجاه المسلمين والكف عن اعتبارهم مجرمين بالفطرة وإرهابيين بتعاليم من الدين الإسلامي الذي هو دين محبة وعفو وإخاء.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024